يشهد العالم تحولاً جذريًا نحو الاقتصاد المعرفي، الذي يعتمد على المعرفة والإبداع كعناصر أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. يمثل هذا الاقتصاد نقلة نوعية من الاعتماد التقليدي على الموارد الطبيعية إلى استثمار العقول البشرية وتوظيف التكنولوجيا. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم الاقتصاد المعرفي، أهميته، وكيف يمكن للأفراد والشركات الاستفادة منه.
تعريف الاقتصاد المعرفي
هو نظام اقتصادي يعتمد على إنتاج وإدارة المعرفه لتحقيق عوائد و نمو في الدولة. وتعتمد اقتصادات المعرفة على توافر التكنولوجيا وتقنيات الاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة. ببساطة مفهوم الاقتصاد المعرفي هو التحول من الصناعات إلى اقتصاد المعلومات ومن إنتاج البضائع إلى إنتاج المعلومات.
خصائص الاقتصاد المعرفي
ساهم التوسع السريع في المعرفة والاعتماد المتزايد على الحوسبة و توافر أدوات تحليل البيانات الضخمة والأتمتة إلى تغيير ملامح الاقتصاد العالمي لتسعى عدد كبير من الدول للتوجه نحو دعم ركائز الاقتصاد المعرفي لديها.
يتطلب انشاء اقتصاد المعرفة توفر عدد من الخصائص. أهمها:
- بيئة داعمة للابتكار: توفر حاضنات ابتكار ومنصات معرفية تربط بين الجامعات و المراكز البحثية والمؤسسات ذات الصلة بدعم رواد الاعمال والمشاريع الناشئة.
- منصات تعليم وتدريب: العمل على تطوير الكفاءات البشرية وتقديم تدريب مهاري في التخصصات المختلفة والتي تساهم في مواكبة السوق العالمي
- توفر بنية تحتية معلوماتية ديناميكية، كالشبكة العالمية للمعلومات)الإنترنت)، ووسائل الاتصال الحديثة والحواسيب، لتسهيل التواصل الفعال ونشر ومعالجة المعلومات.
- توفر شبكة تفاعلية تربط مراكز البحوث والجهات الاستشارية والجامعات والشركات التجارية ومؤسسات المجتمع المدني..
قد يهمك أيضاً: مفهوم الاقتصاد الرقمي
مؤشر المعرفة العالمي
تحتل سويسرا المركز الأول في مؤشر المعرفة العالمي لعام 2020 م، نتيجة أدائها المتميز من حيث البنية التحتية المعرفية المكونة لنقاط القوة الداعمة لاقتصاد المعرفة ، وتأتي في المرتبة الثانية الولايات المتحدة ثم فنلندا والسويد.
أما على مستوى الدول العربية نجد ان دولة الإمارات تتصدر في المرتبة الأولى عربياً و تليها قطر ثم المملكة العربية السعودية حسب احصائية “مؤشر المعرفة العالمي” بواسطة برنامج الأمم المتحدة الانمائى لعام 2020م
دور المؤسسات التعليمية في الاقتصاد المعرفي
يتعين على المؤسسات التعليمية التعاون والانخراط مع مراكز البحث العلمي ومراكز إنتاج المعرفة لتأصيل المعارف والمهارات المعرفية لدى الطالب ضمن المراحل التعليمية المختلفة، ومن ثم تتويج هذه المراحل بمحصلة من تراكم رأس المال المعرفي تمكن الطلاب من المساهمة الإيجابية في هذا المجال الحيوي.
ويشهد سوق العمل في السنوات الاخيرة زيادة كبيرة في مستويات الطلب على تعلم مهارات جديدة في مجالات مثل علوم البيانات والذكاء الاصطناعي وبالتالي سيساهم هذا الحراك والتطور في التراكم المعرفي لمختلف الأفراد والمؤسسات في الدولة مما يساعد في زيادة الإنتاجية والمنافسة في خضم الاقتصاد العالمي الحديث
كيف تساهم الدول في دعم الاقتصاد المعرفي
- الاستثمار في التعليم والتدريب عبر تحسين جودة التعليم وتشجيع التعلم المستمر.
- تعزيز البحث والتطوير عبر زيادة الإنفاق على البحث العلمي وانشاء مراكز ابحاث متخصصة..
- دعم البنية التحتية التكنولوجية عبر توفير شبكات إنترنت فائقة السرعة وتشجيع تبني التقنيات الحديثة.
- تحفيز الابتكار وريادة الأعمال عبر توفير حاضنات أعمال، تقديم منح للشركات المبتكرة.
- تطوير سياسات داعمة عن طريق اصلاح القوانين والتشريعات وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
ختاماً، الاقتصاد المعرفي هو مستقبل التنمية الاقتصادية، حيث يشكل المعرفة والإبداع مفتاح النجاح في عالم متسارع التغير. من خلال الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا، يمكن للأفراد والشركات تحقيق أقصى استفادة من هذا النموذج الاقتصادي الواعد
المصادر:
دراسة الاقتصاد المعرفي – اعداد سامر بابكر , صدرت عن مؤسسة صندق النقد العربي عام 2021م